Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأعراف - الآية 190

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ۚ فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) (الأعراف) mp3
فَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَعَالَى" فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا" الْآيَة وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ شِرْك عَنْ خُصَيْف عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا " قَالَ : قَالَ اللَّه تَعَالَى " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجهَا لِيَسْكُن إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا " آدَم " حَمَلَتْ" أَتَاهُمَا إِبْلِيس لَعَنَهُ اللَّه فَقَالَ إِنَى صَاحِبكُمَا الَّذِي أَخْرَجْتُكُمَا مِنْ الْجَنَّة لَتُطِيعَانِي أَوْ لَأَجْعَلَنَّ لَهُ قَرْنَيْ أُيَّل فَيَخْرُج مِنْ بَطْنك فَيَشُقّهُ وَلَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ يُخَوِّفهُمَا فَسَمَّيَاهُ عَبْد الْحَارِث فَأَبَيَا أَنْ يُطِيعَاهُ فَخَرَجَ مَيِّتًا ثُمَّ حَمَلَتْ يَعْنِي الثَّانِي فَأَتَاهُمَا أَيْضًا فَقَالَ أَنَا صَاحِبكُمَا الَّذِي فَعَلْت مَا فَعَلْت لَتَفْعَلَنَّ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ - يُخَوِّفهُمَا - فَأَبَيَا أَنْ يُطِيعَاهُ فَخَرَجَ مَيِّتًا ثُمَّ حَمَلَتْ الثَّالِثَة فَأَتَاهُمَا أَيْضًا فَذَكَرَ لَهُمَا فَأَدْرَكَهُمَا حُبّ الْوَلَد فَسَمَّيَاهُ عَبْد الْحَارِث فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " جَعَلَا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا" رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم . وَقَدْ تَلَقَّى هَذَا الْأَثَر عَنْ اِبْن عَبَّاس مِنْ أَصْحَابه كَمُجَاهِدٍ وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَمِنْ الطَّبَقَة الثَّانِيَة قَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف وَجَمَاعَة مِنْ الْخَلَف وَمِنْ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ جَمَاعَات لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَة وَكَأَنَّهُ وَاَللَّه أَعْلَم أَصْله مَأْخُوذ مِنْ أَهْل الْكِتَاب فَإِنَّ اِبْن عَبَّاس رَوَاهُ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب كَمَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو الْجُمَاهِر حَدَّثَنَا سَعِيد يَعْنِي اِبْن بَشِير عَنْ عُقْبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : لَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاء أَتَاهَا الشَّيْطَان فَقَالَ لَهَا أَتُطِيعِينَنِي وَيَسْلَم لَك وَلَدك سَمِّيهِ عَبْد الْحَارِث فَلَمْ تَفْعَل فَوَلَدَتْ فَمَاتَ ثُمَّ حَمَلَتْ فَقَالَ لَهَا مِثْل ذَلِكَ فَلَمْ تَفْعَل ثُمَّ حَمَلَتْ الثَّالِثَة فَجَاءَهَا فَقَالَ إِنْ تُطِيعِينِي يَسْلَم وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَكُون بَهِيمَة فَهَيَّبَهُمَا فَأَطَاعَا . وَهَذِهِ الْآثَار يَظْهَر عَلَيْهَا وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهَا مِنْ آثَار أَهْل الْكِتَاب وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ" إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْل الْكِتَاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ" ثُمَّ أَخْبَارهمْ عَلَى ثَلَاثَة أَقْسَام فَمِنْهَا مَا عَلِمْنَا صِحَّته بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيل مِنْ كِتَاب اللَّه أَوْ سُنَّة رَسُوله وَمِنْهَا مَا عَلِمْنَا كَذِبه بِمَا دَلَّ عَلَى خِلَافه مِنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّة أَيْضًا وَمِنْهَا مَا هُوَ مَسْكُوت عَنْهُ فَهُوَ الْمَأْذُون فِي رِوَايَته بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام " حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَلَا حَرَج " وَهُوَ الَّذِي لَا يُصَدَّق وَلَا يُكَذَّب لِقَوْلِهِ " فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ " وَهَذَا الْأَثَر هُوَ الْقِسْم الثَّانِي أَوْ الثَّالِث فِيهِ نَظَر فَأَمَّا مَنْ حَدَّثَ بِهِ مِنْ صَحَابِيّ أَوْ تَابِعِيّ فَإِنَّهُ يَرَاهُ مِنْ الْقِسْم الثَّالِث وَأَمَّا نَحْنُ فَعَلَى مَذْهَب الْحَسَن الْبَصْرِيّ رَحِمَهُ اللَّه فِي هَذَا وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد مِنْ هَذَا السِّيَاق آدَم وَحَوَّاء وَإِنَّمَا الْمُرَاد مِنْ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ ذُرِّيَّته وَلِهَذَا قَالَ اللَّه " فَتَعَالَى اللَّه عَمَّا يُشْرِكُونَ " ثُمَّ قَالَ فَذَكَرَ آدَم وَحَوَّاء أَوَّلًا كَالتَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدهمَا مِنْ الْوَالِدَيْنِ وَهُوَ كَالِاسْتِطْرَادِ مِنْ ذِكْر الشَّخْص إِلَى الْجِنْس كَقَوْلِهِ " وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيح " الْآيَة وَمَعْلُوم أَنَّ الْمَصَابِيح وَهِيَ النُّجُوم الَّتِي زُيِّنَتْ بِهَا السَّمَاء لَيْسَتْ هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا وَإِنَّمَا هَذَا اِسْتِطْرَاد مِنْ شَخْص الْمَصَابِيح إِلَى جِنْسهَا وَلِهَذَا نَظَائِر فِي الْقُرْآن وَاَللَّه أَعْلَم.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أربعون قاعدة في حل المشاكل

    أربعون قاعدة في حل المشاكل : قال المصنف - حفظه الله -: «في هذه الدنيا سهام المصائب مشرعة، ورماح البلاء معدة مرسلة، فإننا في دار ابتلاء وامتحان، ونكد وأحزان، وهموم وغموم، تطرقنا حينا في فقد حبيب أو ضياع مال أو سوء معاملة أو فراق إخوان أو شجار أبناء وغيرها! والبلاء الذي يصيب العبد لا يخرج عن أربعة أقسام: إما أن يكون في نفسه، أو في ماله، أو في عرضه، أو في أهله ومن يحب. والناس مشتركون في حصولها من مسلم وكافر وبر وفاجر كما هو مشاهد. ونظرًا لفجاءة تلك المشاكل وعدم الاستعداد لها أحيانًا، جعلت قواعد أساسية في علاجها، وهي إطار عام لكل الناس، وكل حالة بحسبها».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/221990

    التحميل:

  • حديث: «تركت فيكم أمرَين» دراسة لمصدرية التلقي في هذا الدين

    حديث: «تركت فيكم أمرَين» دراسة لمصدرية التلقي في هذا الدين: هذا البحث جاء لإعطاء لمحة عن مصادر التلقِّي والتشريع في هذا الدين، وكيفية الاستقاء من تلك المصادر والتعامل معها.

    الناشر: شبكة السنة النبوية وعلومها www.alssunnah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330172

    التحميل:

  • دموع المآذن [ القاسم ]

    دموع المآذن: قال المصنف - حفظه الله -: «رسائل كثيرة كتبت.. وصداقات كثيرة انقطعت.. بقيت ثلاث رسائل... وبقيت محبة خالصة.. تقويها روابط الإسلام وتشدها وشائج الإيمان. يسقيها الصدق من منبعه والوفاء من معينه. ثلاث رسائل كتبت بصدق.. وحفظها الزمن.. تنثر بين يدي القارئ.. فلربما كان بحاجة إليها.. تقيل العثرة وتنير الطريق».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229609

    التحميل:

  • هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة؟

    هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة ؟: هذه الرسالة من أنفس ما كُتِبَ عن الإجتهاد والتقليد، وسبب تأليفها هو ما ذكره المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ في مقدّمتها قائلاً: إنه كان ورد علي ّ سؤال من مسلمي اليابان من بلدة ( طوكيو ) و ( أوزاكا ) في الشرق الأقصى؛ حاصله: ما حقيقة دين الإسلام؟ ثم ما معنى المذهب؟ وهل يلزم على من تشرف بدين الإسلام أن يتمذهب على أحد المذاهب الأربعة؟ أي أن يكون مالكيا أو حنفيا, أو شافعيا, أو حنبليا, أو غيرها أو لا يلزم؟ لأنه قد وقع اختلاف عظيم ونزاع وخيم حينما أراد عدة أنفار من متنوّري الأفكار من رجال اليابان أن يدخلوا في دين الإسلام ويتشرفوا بشرف الإيمان فعرضوا ذلك على جمعية المسلمين الكائنة في طوكيو فقال جمع من أهل الهند ينبغي أن يختاروا مذهب الإمام أبي حنيفة لأنه سراج الأمة، وقال جمع من أهل أندونيسيا يلزم ان يكون شافعيا. فلما سمع اليابانيون كلامهم تعجبوا وتحيروا فيما قصدوا وصارت مسألة المذاهب سدا في سبيل إسلامهم، كانت الرسالة هي الجواب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/204084

    التحميل:

  • التطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم

    هذا البحث ( التطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم ) بين الباحث صوراً من تطاول البشر على الله سبحانه وتعالى، وصوراً من تطاول أهل الكتاب على الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام، كما تطرق البحث إلى تطاول الكفار على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في عهده الشريف، وتبين أن التطاول عليه صلى الله عليه وسلم من قبل أهل الكتاب له أسباب جوهرية ذكرها القرآن الكريم وبينها غاية البيان، وهذا من عظمة هذا القرآن الكريم، ولم يتناول البحث الوسائل والأساليب التي تتحقق بها هذه الأسباب؛ لأنها أدوات لها غير مؤثرة بنفسها، وظهر أيضاً أن الأسباب المعاصرة التي تدعو أهل الكتاب للتطاول على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هي الأسباب السابقة مضافاً إليها بعض الأسباب التي استجدت مما تضمنه هذا البحث.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/257581

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة