Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 117

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (117) (البقرة) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " بَدِيع السَّمَوَات وَالْأَرْض " أَيْ خَالِقهمَا عَلَى غَيْر مِثَال سَبَقَ قَالَ مُجَاهِد وَالسُّدِّيّ وَهُوَ مُقْتَضَى اللُّغَة وَمِنْهُ يُقَال لِلشَّيْءِ الْمُحْدَث بِدْعَة كَمَا جَاءَ فِي صَحِيح مُسْلِم " فَإِنَّ كُلّ مُحْدَثَة بِدْعَة " وَالْبِدْعَة عَلَى قِسْمَيْنِ تَارَة تَكُون بِدْعَة شَرْعِيَّة كَقَوْلِهِ " فَإِنَّ كُلّ مُحْدَثَة بِدْعَة وَكُلّ بِدْعَة ضَلَالَة" وَتَارَة تَكُون بِدْعَة لُغَوِيَّة كَقَوْلِ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُمَر بْن الْخَطَّاب عَنْ جَمْعه إِيَّاهُمْ عَلَى صَلَاة التَّرَاوِيح وَاسْتِمْرَارهمْ : نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَقَالَ اِبْن جَرِير" بَدِيع السَّمَوَات وَالْأَرْض " مُبْدِعهمَا وَإِنَّمَا هُوَ مُفْعِل فَصُرِفَ إِلَى فَعِيل كَمَا صُرِفَ الْمُؤْلِم إِلَى الْأَلِيم وَالْمُسْمِع إِلَى السَّمِيع : وَمَعْنَى الْمُبْدِع الْمُنْشِئ وَالْمُحْدِث مَا لَا يَسْبِقهُ إِلَى إِنْشَاء مِثْله وَإِحْدَاثه أَحَدٌ قَالَ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمُبْتَدِع فِي الدِّين مُبْتَدِعًا لِإِحْدَاثِهِ فِيهِ مَا لَمْ يَسْبِق إِلَيْهِ غَيْره وَكَذَلِكَ كُلّ مُحَدِّث قَوْلًا أَوْ فِعْلًا لَمْ يَتَقَدَّم فِيهِ مُتَقَدِّم فَإِنَّ الْعَرَب تُسَمِّيه مُبْتَدِعًا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل أَعْشَى بْن ثَعْلَبَة فِي مَدْح هَوْذَة بْن عَلِيّ الْحَنَفِيّ : يُدْعَى إِلَى قَوْل سَادَات الرِّجَال إِذَا أَبْدَوْا لَهُ الْحَزْم أَوْ مَا شَاءَهُ اِبْتَدَعَا أَيْ يُحْدِث مَا شَاءَ قَالَ اِبْن جَرِير : فَمَعْنَى الْكَلَام سُبْحَان اللَّه أَنْ يَكُون لَهُ وَلَد وَهُوَ مَالِك مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض تَشْهَد لَهُ جَمِيعهَا بِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَتُقِرّ لَهُ بِالطَّاعَةِ وَهُوَ بَارِئُهَا وَخَالِقهَا وَمُوجِدهَا مِنْ غَيْر أَصْل وَلَا مِثَال اِحْتَذَاهَا عَلَيْهِ وَهَذَا إِعْلَامٌ مِنْ اللَّه لِعِبَادِهِ أَنَّ مِمَّنْ يَشْهَد لَهُ بِذَلِكَ الْمَسِيح الَّذِي أَضَافُوا إِلَى اللَّه بُنُوَّته وَإِخْبَار مِنْهُ لَهُمْ أَنَّ الَّذِي اِبْتَدَعَ السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْ غَيْر أَصْل وَعَلَى غَيْر مِثَال هُوَ الَّذِي اِبْتَدَعَ الْمَسِيح عِيسَى مِنْ غَيْر وَالِد بِقُدْرَتِهِ وَهَذَا مِنْ اِبْن جَرِير رَحِمَهُ اللَّه كَلَام جَيِّد وَعِبَارَة صَحِيحَة : وَقَوْله تَعَالَى " وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون " يُبَيِّن بِذَلِكَ تَعَالَى كَمَال قُدْرَته وَعَظِيم سُلْطَانه وَأَنَّهُ إِذَا قَدَّرَ أَمْرًا وَأَرَادَ كَوْنه فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كُنْ أَيْ مَرَّة وَاحِدَة فَيَكُون أَيْ فَيُوجَد عَلَى وَفْق مَا أَرَادَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون " وَقَالَ تَعَالَى" إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون " وَقَالَ تَعَالَى " وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ " وَقَالَ الشَّاعِر : إِذَا مَا أَرَادَ اللَّه أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كُنْ قَوْله فَيَكُون وَنَبَّهَ بِذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ خَلْق عِيسَى بِكَلِمَةِ كُنْ فَكَانَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّه قَالَ اللَّه تَعَالَى " إِنَّ مَثَل عِيسَى عِنْد اللَّهِ كَمَثَلِ آدَم خَلَقَهُ مِنْ تُرَاب ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون" .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • خمسون وصية ووصية لتكون خطيبا ناجحا

    خمسون وصية ووصية لتكون خطيبا ناجحا : وقفة مع الخطيب وصفاته، نحاول التعرف على جوانب ثقافته ومصادر أفكاره وأهم المكونات التي تؤثر في إفرازه وإيجاده.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/142666

    التحميل:

  • صحيح مسلم

    صحيح مسلم: في هذه الصفحة نسخة الكترونية مفهرسة، تتميز بسهولة التصفح والوصول إلى الحديث من كتاب صحيح مسلم والذي يلي صحيحَ البخاري في الصحة، وقد اعتنى مسلمٌ - رحمه الله - بترتيبه، فقام بجمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد فأثبتها في موضع واحد، ولَم يُكرِّر شيئاً منها في مواضع أخرى، إلاَّ في أحاديث قليلة بالنسبة لحجم الكتاب، ولَم يضع لكتابه أبواباً، وهو في حكم المُبوَّب؛ لجمعه الأحاديث في الموضوع الواحد في موضع واحد. قال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: " ومن حقق نظره في صحيح مسلم - رحمه الله - واطلع على ما أودعه في أسانيده وترتيبه وحسن سياقه وبديع طريقته من نفائس التحقيق وجواهر التدقيق وأنواع الورع والاحتياط والتحري في الرواية وتلخيص الطرق واختصارها وضبط متفرقها وانتشارها وكثرة إطلاعه واتساع روايته وغير ذلك مما فيه من المحاسن والأعجوبات واللطائف الظاهرات والخفيَّات علم أنَّه إمام لا يلحقه من بَعُد عصره وقل من يساويه بل يدانيه من أهل وقته ودهره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ". وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب: " قلت: حصل لمسلم في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله ٍ بحيث أن بعض الناس كان يفضله على صحيح محمد بن إسماعيل وذلك لما اختص به من جمع الطرق وجودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ من غير تقطيع ولا رواية بمعنى وقد نسج على منواله خلق من النيسابوريين فلم يبلغوا شأوه وحفظت منهم أكثر من عشرين إماما ممن صنف المستخرج على مسلم، فسبحان المعطي الوهاب ".

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/140676

    التحميل:

  • أحكام الداخل في الإسلام

    أحكام الداخل في الإسلام : دراسة فقهية مقارنة، فيما عدا أحكام الأسرة، وهو بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراة في الفقه الإسلامي من جامعة أم القرى بمكة المكرمة.

    الناشر: جامعة أم القرى بمكة المكرمة http://uqu.edu.sa

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/320710

    التحميل:

  • رحماء بينهم [ التراحم بين آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم ]

    رحماء بينهم التراحم بين آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم: إن البحث عن أسباب الافتراق في الأمة وعلاجها مطلبٌ شرعي، و هي قضية كُبرى، ولها آثارها التي عصفت بالأمة، و سيقتصر البحث عن الرحمة بين أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من آل البيت - عليهم السلام - وسائر الناس، فمع ما جرى بينهم من حروب إلا أنهم رحماء بينهم، و هذه حقيقة وإن تجاهلها القصاصون، وسكت عنها رواة الأخبار، فستبقى تلك الحقيقة ناصعة بيضاء تردّ على أكثر أصحاب الأخبار أساطيرهم وخيالاتهم، التي استغلها أصحاب الأهواء والأطماع السياسية، والأعداءُ لتحقيق مصالحهم وتأصيل الافتراق والاختلاف في هذه الأمة .

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/74652

    التحميل:

  • معالم لقارئ القرآن الكريم

    معالم لقارئ القرآن الكريم: هذه الرسالة مُتعلِّقة بقارئ القرآن الكريم، ذكر فيها الشيخ - حفظه الله - شيئًا من علوم القرآن وبعض الفوائد المتعلقة بها، وذكر طريقةً في فهم وتفسير القرآن، ثم في ختام الرسالة نقل فتاوى العلماء المتعلقة بالقرآن الكريم. - قدَّم له: الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/346604

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة